فصل: إحدى وسبعين ومائتين

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة حوادث الزمان وتقليب أحوال الإنسان وتاريخ موت بعض المشهورين من الأعيان **


 سنة تسع وخمسين ومائتين

على ما حكاه الفرغاني‏.‏

وذكر القضاعي أنه شرع في عمارته في سنة أربع وستين وفرغ منه في ستة وستين ومائتين وأنفق على عمارته مائة ألف وعشرين ألف دينار على ما حكاه بعضهم‏.‏

وطولون بسكون الواوين وضم اللام بينهما والطاء المهملة وفي وفيها توفي أبو محمد الربيع بن سليمان المرادي مولاهم المؤذن المصري صاحب الإمام الشافعي روى أكثر كتبه القائل في حقه الشافعي‏:‏ الربيع راويتي‏.‏

وقال‏:‏ ما أخذ مني أحد ما أخذ مني الربيع‏.‏

وكان يقول له‏:‏ يا ربيع لو أمكنني أن أطعمك العلم لأطعمتك‏.‏

وحكى الخطيب في تاريخه قال الربيع بن سليمان المرادي‏:‏ كنا جلوساً بين يدي الشافعي أنا والبويطي والمزني فنظر إلى البويطي وقال‏:‏ ترون هذا إنه لن يموت إلا في الحديدة ثم نظر إلى المزني فقال‏:‏ ترون هذا أما أنه سيأتي عليه زمان لا يفسر شيئاً فيخبطه ثم نظر إلي وقال‏:‏ إنه ما في القوم أحد أنفع لي منه ولوددت أني حسوته العلم‏.‏

وفي رواية أخرى أنه قال لإبن عبد الحكم‏:‏ وأما أنت يا فلان فسترجع إلى مذهب مالك والربيع هذا آخر من روى عن الشافعي بمصر توفي في عشرة المائة وكان إماماً ثقة صاحب حلقة بمصر‏.‏

قال ابن خلكان‏:‏ رأيت بخط الحافظ عبد العظيم المنذري شعراً للربيع المذكور وهو‏:‏ صبراً جميلاً ما أسرع الفرجا من صدق الله في الأمور نجا من خشي الله لم ير له أذى ومن رجا الله كان حيث رجا وفيها توفي أبو محمد الربيع بن سليمان الجيزي صاحب الإمام الشافعي لكنه كان قليل الرواية عنه وكان ثقة‏.‏

روى عنه أبو داود والنسائي‏.‏وتوفي في ذي الحجة من السنة المذكورة بالجيزة وقبره بها كذا قاله القضاعي‏.‏وفيها توفي داود بن علي الفقيه الإمام الأصبهاني الظاهري صاحب التصانيف سمع القعنبي وسليمان بن حرب وطبقتهما وتفقه على أبي ثور وابن راهوية وكان زاهداً وناسكاً متقللاً كثير الورع وكان من كثر الناس تعصباً للإمام الشافعي وصنف في فضائله والثناء عليه كتابين وكان صاحب مذهب مستقل بنفسه وتبعه جمع كثير يعرفون بالظاهرية‏.‏

وكان ولده أبو بكر على مذهبه وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى وانتهت إليه رياسة العلم ببغداد وقيل‏:‏ كان يحضر مجلسه أربعمائة طيلسان أخضر قال داود‏:‏ حضر مجلسي يوماً أبو يعقوب البويطي وكان من أهل البصرة وعليه أخرقتان فتصدر لنفسه من غير أن يجلسه أحد وجلس إلي جانبي وقال‏:‏ سل عما بدا لك‏.‏

فكأني أغضبت منه فقلت له مستهزئاً‏:‏ أسألك عن الحجامة فبرك ثم روى طريق ‏"‏ أفطر ‏"‏ الحاجم والمحجوم ومن أرسله ومن أسنده ومن وقفه ومن ذهب إليه من الفقهاء‏.‏

وروى اختلاف طريق احتجام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأعطى الحجام أجره ولو كان حراً ما لم يعطه‏.‏

وروى بطريق أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم احتجم بقرن وذكر الأحاديث الصحيحة في الحجامة ثم ذكر الأحاديث المتوسطة‏.‏

مثل‏:‏ ما مررت بملأ من الملائكة ومثل‏:‏ شفاء أمتي في ثلاث وذكر الأحاديث الضعيفة مثل قوله صلى الله عليه وآله وسلم‏:‏ لا تحتجموا يوم كذا ولا ساعة كذا‏.‏

ثم ذكر ما ذهب إليه أهل الطب من الحجامة في كل زمان وما ذكروه فيها ثم ختم كلامه بأن قال‏:‏ أول ما خرجت الحجامة من أصفهان‏.‏

فقلت له‏:‏ والله لا أحقرن بعدك أحداً أبداً‏.‏

وكان داود من عقلاء الناس قال أبو العباس ثعلب في حقه‏:‏ كان عقل داود كثر من علمه‏.‏

وتوفي في ذي القعدة وقيل في شهر رمضان وقال ولده أبو بكر‏:‏ رأيت أبي في المنام فقلت‏:‏ ما فعل الله بك‏.‏

فقال‏:‏ غفر لي وسامحني‏.‏

فقلت‏:‏ غفر لك فبم سامحك‏.‏

فقال‏:‏ يا بني الأمر عظيم والويل كل الويل لمن لم يسامح‏.‏

وفيها توفي محمد بن إسحاق الصاغاني البغدادي الحافظ الحجة‏.‏وفيها توفي القاضي بكار بن قتيبة الثقفي يرجع في نسبه إلى الحارث بن كلدة الثقفي الصحابي كان بكار حنفي المذهب تولى القضاء بمصر وله مع ابن طولون صاحب مصر وقائع وكان يدفع إليه كل سنة ألف دينار غير المقرر له فيتركها بختمها ولا يتصرف فيها فدعاه إلى خلع الموفق ابن المتوكل من ولاية العهد وهو والد المعتضد فامتنع القاضي بكار من ذلك فاعتقله ابن طولون ثم طالبه بجملة المبلغ الذي كان يأخذه كل سنة فحمله إليه بختمه وكان ثمانية عشر كيساً فاستحيي أحمد منه وكان يظن أنه أخرجها وأنه يعجز عن القيام بها فلهذا طالبه وأمره أن يسلم القضاء إلى محمد بن شاذان الجوهري ففعل وجعله كالخليفة له وبقي مسجوناً مدة سنين وكان يحدث في السجن من طاق فيه بعد أن استأذن أصحاب الحديث وشكوا إلى ابن طولون انقطاع السماع وكان ابن بكار أحد البكائين والتالين لكتاب الله عز وجل وكان إذا فرغ من الحكم حاسب نفسه وعرض عليه القصص التي حكم فيها ويقول‏:‏ يا بكار ما يكون جوابك غداً‏.‏

وتوفي مسجوناً وهو باق على القضاء رحمة الله عليه‏.‏

 إحدى وسبعين ومائتين

كان ابن طولون قد خلع الموفق من ولاية العهد ومات وقام بعده ابنه خمارويه على ذلك فجهز الموفق ولده أبا العباس المعتضد في جيش كثير وولاه مصر والشام‏.‏

فسار حتى نزل بفلسطين وأقبل خمارويه فالتقى الجمعان بفلسطين وحمي الوطيس حتى جرت الأرض بالدماء ثم انهزم خمارويه إلى مصر ونهبت خزائنه وكان سعد الأعسر كميناً لخمارويه فخرج على المعتضد وجيشه وهم غازون فأوقعوا به فانهزموا حتى وصلوا طرسوس في نفر يسير وذهبت أيضاً خزائنه حواها سعد وأصحابه‏.‏

وفي السنة المذكورة توفي عباس بن محمد الحافظ أبو الفضل مولى بني هاشم‏.‏

ومحمد بن وفيها توفيت بوران بنت الحسن بن سهل زوجة المأمون وقد تقدم ذكر زواجها منه وما عمل أبوها من الولائم والنثار والإنفاق في عرسها في سنة اثنتين ومائتين ولم تزل في صحبة المأمون إلى أن توفي عنها سنة ثمان عشرة ومائتين وعاشت بعده إلى إحدى وسبعين ومائتين وعمرها ثمانون سنة‏.‏

 اثنتين وسبعين ومائتين

فيها توفي الحافظ أبو معين الرازي الحسين بن الحسن‏.‏

والحافظ سليمان بن يوسف محدث حران وشيخها‏.‏

وأبو معشر المنجم وكان بارعاً في فنه ماهراً فيه‏.‏

وله عدة تصانيف وكانت له إصابات عجيبة‏.‏

حكي أنه كان متصلاً بخدمة بعض الملوك وأن ذلك الملك طلب رجلاً من أكابر دولته ليعاقبه فاستخفى وعلم أن المنجم المذكور يدل عليه بالطريق الذي يستخرج به الخبايا فأراد أن يعمل شيئاً لا يهتدي إليه فأخذ طشتاً وعمل فيه دماً وجعل في الدم هاون ذهب‏.‏

وقعد على الهاون أياماً‏.‏

وبالغ في طلبه الملك فلم يجده وعند العجز أحضر المنجم وسأله عن موضعه فعمل العمل الذي يستخرج به في العادة وسكت زماناً حائراً فقال له الملك‏:‏ ما سبب سكوتك وحيرتك‏.‏

قال‏:‏ أرى شيئاً عجباً قال‏:‏ وما هو قال‏:‏ أرى المطلوب على جبل من ذهب والجبل في بحر من دم ولا أعلم في العالم موضعاً على هذه الصفة‏.‏

فقال له‏:‏ أعد نظرك وجد فأخذ الطالع وفعل ثم قال‏:‏ ما أراه إلا كما ذكرت‏.‏

فلما أيس الملك من القدرة عليه بهذه الطريق ناس في البلد بالأمان للرجل ولمن أجاءه‏.‏

فلما وثق بأمانه ظهر وحضر فسأله عن الموضع الذي كان فيه فأخبره فأعجبه حسن احتياله ولطافة المنجم في استخراجه والفقيه الأديب الأوحد أحد أوعية العلم محمد بن عبد الوهاب العبدي النيسابوري‏.‏والحافظ محمد بن عوف الطائي محدث حمص‏.‏

وفيها توفي سليمان بن وهب كان شاعراً بليغاً مرسلاً فصيحاً وله ديوان رسائل وقد مدحه أبو تمام والبحتري وحكي أنه بلغه يوماً أن الواثق نظر إلى أحمد بن الخطيب الكاتب فأنشد‏:‏ من الناس إنسانان ديني عليهما مليحان لو شاءا لقد صدقاني خليلي أما أم عمر فإنها وأما عن الأخرى فلا تسألاني فقال أحمد بن الخصيب بن عمرو وأما الآخر فأنا‏.‏

وكذلك كان‏.‏

فإنه يكتبهما بعد أيام ولما تولى سليمان بن وهب الوزارة وقيل تولاها ابنه عبد الله بن سليمان كتب إليه عبد الله بن عبد الله بن طاهر‏:‏ أبي دهرنا إسعافنا في نفوسنا وأسعفنا فيمن تحب وتعظم

 ثلاث وسبعين ومائتين

فيها توفي حنبل بن إسحاق أبو علي الحافظ ابن عم الإمام أحمد وتلميذه‏.‏

والحافظ الكبير محمد بن يزيد بن ماجة القزويني صاحب السنن والتفسير والتاريخ‏.‏

كان إماماً في الحديث عارفاً بعلومه وجميع ما يتعلق به ارتحل إلى العراق والبصرة والكوفة وبغداد ومكة والشام ومصر والري لكتب الحديث‏.‏

وكتابه في الحديث أحد الكتب الستة التي هي أصول الحديث وأمهاته‏.‏

قلت‏:‏ هكذا قال الذهبي‏:‏ وهو مذهب بعض المحدثين ومذهب بعضهم وبه قال الشيخ محيي الدين النواوي رحمه الله إن أمهات الحديث خمسة‏:‏ صحيحا البخاري ومسلم وسنن أبي داود والترمذي والنسائي‏.‏

والذين قالوا هي ستة اختلفوا فبعضهم يقول‏:‏ السادس هي سنن ابن ماجة المذكور وبعضهم يقول هو الموطأ‏.‏

وفيها توفي صاحب الأندلس محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام الأمير الأموي وكانت ولايته خمساً وثلاثين سنة وكان فقيهاً عالماً فصيحاً مفوهاً رافعاً لعلم الجهاد قال الإمام الحافظ بقي بن مخلد‏:‏ ما رأيت ولا سمعت أحداً من الملوك أفصح منه ولا أعقل وقال أبو مظفر ابن الجوزي‏:‏ وهو صاحب وقعة وادي سليط التي لم يسمع بمثلها يقال أنه قتل فيها

 أربع وسبعين ومائتين

فيها توفي خلف بن محمد الواسطي الحافظ وعبد الملك بن عبد الحميد الفقيه الميموني‏.‏

ومحمد بن عيسى المدايني رحمة الله عليهم‏.‏

 خمس وسبعين ومائتين

فيها توفي أبو بكر المروزي وكان أجل أصحاب الإمام أحمد وكان إماماً فيالفقه والحديث كثير التصانيف خرج مرة من الرباط فشيعه نحو خمسين من بغداد إلى سامراء‏.‏

وفيها توفي الإمام الكبير الحافظ سليمان بن الأشعث أبو داود السجستانى الأزدي أحد أئمة الحديث وحفاظه ومعرفة علمه وعلله وكان في الدرجة العاليه من النسك والصلاح طوف البلاد وكتب عن العراقيين والخراسانيين والشاميين والمصريين والحجازيين والحرميين وجمع كتاب السنن قديماً فربما عرضه‏.‏

على الإمام أحمد بن حنبل فاستجازه واستحسنه‏.‏

وعده الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في طبقات الفقهاء من أصحاب الإمام أحمد بن حنبل‏.‏

وقال إبراهيم الحربي‏:‏ لما صنف أبو داود كتاب السنن ألين لأبي داود الحديث كما ألين لداود عليه السلام الحديد‏.‏

وكان يقول‏:‏ كتبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خمسمائة ألف حديث انتخبت منها ما ضمنته هذا الكتاب يعني السنن جمعت فيه أربعة آلاف وثمان مائة حديث ذكرت الصحيح وما يشبهه ويقاربه ويكفي الإنسان لدينه من ذلك أربعة أحاديث‏:‏ أحدها قول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ الأعمال بالنيات ‏"‏ والثاني قوله‏:‏ ‏"‏ ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ‏"‏ والثالث قوله‏:‏ ‏"‏ لا يكون المؤمن مؤمناً حتى يرضى لأخيه ما يرضى لنفسه ‏"‏ والرابع قوله‏:‏ ‏"‏ الحلال بين والحرام بين وبين ذلك أمور مشتبهات ‏"‏‏.‏

الحديث بكماله وجاءه الشيخ الكبير الوالي الشهير العارف بالله الخبير سهل بن عبد الله التستري فقيل له‏:‏ يا أبا داود هذا شهل عبد الله قد جاءك زائراً‏.‏

قال فرحب به وأجلسه فقال‏:‏ يا داود لي إليك حاجة قال‏:‏ هي قال‏:‏ تقول قضيتها قال‏:‏ قضيتها مع الإمكان‏.‏

قال‏:‏ اخرج لسانك الذي حدثت به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى أقبله فأخرج لسانه فقبله توفي رضي الله تعالى عنه يوم الجمعة منتصف شوال من السنة المذكورة‏.‏وكان رأساً في الحديث رأساً الفقه ذا جلالة وحرمة وصلاح وورع حتى كان يشبه شيخه أحمد بن حنبل رحمة الله عليهم‏.‏

 ست وسبعين ومائتين

فيها توفي الإمام الحافظ أبو عبد الرحمن بقي بن مخلد الأندلسي أحد الأعلام سمع يحيى بن يحيى ويحيى بن بكير وأحمد بن حنبل وطبقتهم وصنف التفسير الكبير والمسند الكبير‏.‏

قال ابن حزم أقطع‏.‏

إنه لم يؤلف في الإسلام مثل تفسيره‏.‏

وكان بقي بن مخلد علامة فقيهاً مجتهداً صواماً قواماً متبتلاً عديم المثل‏.‏

وفيها توفي الإمام الحافظ أحد العباد أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي البصري إنه كان يصلي في اليوم والليلة أربعمائة ركعة ويقال إنه روى من حفظه ستين ألف حديث‏.‏

وفيها توفي محدث الأندلس قاسم بن محمد بن قاسم الأموي مولاهم الفقيه تفقه على الحارث بن مسكين وابن عبد الحكم وكان مجتهداً لا يقلد‏.‏

قال رفيقه بقي بن مخلد‏:‏ هو أعلم من ابن عبد الحكم‏.‏

وقال ابن عبد الحكم‏:‏ لم يقدم علينا من الأندلس أعلم من قاسم‏.‏وفيها توفي محدث مكة أبو جعفر محمد بن إسماعيل الصائغ‏.‏

ومحدث دمشق أبو القاسم يزيد بن محمد بن عبد الصمد‏.‏

ومحدث الكوفة أبو عمرو ومحمد بن حازم الغفاري الحافظ‏.‏

وفيها توفي أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري وقيل المروزي الإمام صاحب ‏"‏ كتاب المعارف ‏"‏ و ‏"‏ أدب الكاتب ‏"‏ كان فاضلاً ثقة سكن بغداد وحدث بها عن إسحاق بن راهويه وأبي إسحاق إبراهيم بن سفيان الزيادي وأبي حاتم السجستاني وتلك الطبقة‏.‏

وروى عنه ابنه أحمد وابن درستويه الفارسي وله تصانيف كلها مفيدة منها ما تقدم ومنها ‏"‏ غريب القرآن الكريم ‏"‏ و ‏"‏ غريب الحديث ‏"‏ و ‏"‏ عيون الأخبار ‏"‏ و ‏"‏ مشكل القرآن ‏"‏ و ‏"‏ مشكل الحديث ‏"‏ و ‏"‏ طبقات الشعراء ‏"‏ و ‏"‏ الأشربة ‏"‏ و ‏"‏ إصلاح الغلط ‏"‏ و ‏"‏ كتاب النفقة ‏"‏ و ‏"‏ كتاب الخيل و ‏"‏ كتاب إعراب القرآن ‏"‏ و ‏"‏ كتاب الأنوار ‏"‏ و ‏"‏ كتاب المسائل والجوابات ‏"‏ و ‏"‏ كتاب الميسر والقداح ‏"‏ وغير ذلك‏.‏

توفي في أول ليلة من رجب وقيل منتصف رجب من السنة المذكورة وقيل سنة إحدى وسبعين وقيل بل سنة سبعين وكان موته فجأة صاح صيحة سمعت من بعد ثم أغمي عليه ومات وقيل‏:‏ أكل هريسة فأصابته حرارة فصاح صيحة شديده ثم أغمي عليه إلى وقت الظهر ثم اضطرب ساعة ثم هدأ فما زال يتشهد إلى وقت السحر ثم مات‏.‏قلت‏:‏ وقد تقدم ما قيل أن أكثر أهل العلم يقولون‏:‏ ‏"‏ أدب الكاتب ‏"‏ خطبة بلا كتاب و ‏"‏ إصلاح المنطق ‏"‏ كتاب بلا خطبة‏.‏

قال ابن خلكان‏:‏ وهذا فيه نوع تعصب عليه فإن ‏"‏ أدب الكاتب ‏"‏ قد حوى على كل شيء وهو مفنن وما أظنهم حملهم على هذا القول إلا أن خطبته طويلة والإصلاح فيه قصير الخطبة واسم كتابه المذكور ‏"‏ الاقتضاب في شرح أدب الكتاب ‏"‏‏.‏

 سبع وسبعين ومائتين

فيها توفي حافظ المشرق أبو حاتم محمد بن إدريس الحنظلي الرازي في شعبان وكان بارع الحفظ واسع الرحلة من أوعية العلم جارياً في مضمار البخاري وأبي الرازي رحمة الله عليهم‏.‏

 ثمان وسبعين ومائتين

فيها مبدأ ظهور القرامطة بسواد الكوفة وهم خوارج زنادقة مارقون من الدين وفيها توفي الموفق بن المتوكل ولي عهد أخيه المعتمد وكان ملكاً مطواعاً و شجاعاً ذا بأس وأيد ورأي وحزم حارب الزنج حتى أبادهم وقل طاغيتهم وكان الجيوش إليه ومحبباً إلى الخلق وكان المعتمد مقهوراً معه اعتراه نقرس فبرح به وأصاب رجله داء الفيل‏.‏

وكان يقول‏:‏ قد أطبق ديواني على مائة ألف مرتزق وما أصبح فيهم أسوأ حالاً مني واشتد ألم رجله وانتفاخها إلى أن مات منها وكان قد ضيق على أبنه أبي العباس وخاف منه‏.‏

فلما احتضر رضي عنه فلما توفي ولاه المعتمد ولاية العهد ولقبه المعتضد وكان بعض الأعيان يشبه الموفق بالمنصور في حزمه ودهائه ورأيه قيل‏:‏ وجميع الخلفاء الذين بعده من ذريته‏.‏

وفي السنة المذكورة توفي عبد الملك بن الهيثم الدير عاقولي‏.‏

فيها منع المعتضد من بيع كتب الفلاسفة والجدل وتهدد على ذلك ومنع المنجمين والقصاص من الجلوس‏.‏

وفيها توفي المعتمد على الله وكانت خلافته ثلاثاً وعشرين سنة ويومين‏.‏

ومات فجأة بين المغنين والندماء فقيل‏:‏ سم في رؤوس أكلها وقيل‏:‏ في كأس بالشراب‏.‏

ودخل عليه القاضي والشهود فلم يروا به أثراً وكان منهمكاً في اللذات فاستولي أخوه على المملكة وحجر عليه في بعض الأشياء فاستصحب المعتضد الخال بعد أبيه وكان للمعتضد شعر متوسط وأمه أم ولد‏.‏

وفيها توفي الحافظ ابن الحافظ زهير بن حرب النسائي‏.‏ثم البغدادي مصنف التاريخ وله أربع وتسعون سنة سمع أبا نعيم وعفان وطبقتهما‏.‏

وفيها توفي جعفر بن محمد بن شاكر الصائغ وله تسعون سنة وكان زاهداً عابداً ثقة ينفع الناس ويعلمهم الحديث‏.‏

وفيها توفي الإمام الحافظ مصنف الجامع في السنن أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة السلمي الترمذي الأئمة المقتدى بهم في علم الحديث وكان يضرب به المثل وهو تلميذ محمد بن إسماعيل البخارى وشاركه في بعض شيوخه وكان ضريراً قيل ولد أكمه‏.‏

رحمه الله تعالى‏.‏

فيها توفي القاضي أبو العباس أحمد بن محمد بن عيسى البوني الفقيه الحافظ صاحب المسند‏.‏

كان بصيراً بالفقه عارفاً بالحديث وعلله زاهداً عابداً كبير القدر من أعيان الحنفية‏.‏

والإمام الحافظ أبو سعيد عثمان بن سعيد الدارمي صاحب المسند والتصانيف أخذ الفقه عن البويطي والعربية عن ابن الأعرابي والحديث عن ابن المديني وكان قائماً بالسنة مغيظاً للمبتدعة‏.‏